: أنواع الحسد
خطبة الجمعة لمسجد الرحمن بمساكن الشيراتون ـ النزهة ـ القاهرة
ألقيت هذه الخطبة بتاريخ 1 / 2 / 2008 م
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وبعد : يقول الله تعالي " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا
2 ـ أنواع الحسد :
الحسد نوعان :
حسد حميد وهو : أن تتمني أن يكون لك مثل فلان دون أن تزول عنه النعمة
حسد مذموم و هو : أن تتمني زوال النعمـــــــــــة عن غيرك وصيرورتها إليك
حسد مذموم و هو : أن تتمني زوال النعمـــــــــــة عن غيرك وصيرورتها إليك
وقد وردت أحاديث تبين هذا النوع من الحسد المحمود نذكر منها
:
حديث
: أبو هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال : « لا حَسَدَ إلا في اثنَتَيْنِ : رجلٌ آتاهُ اللَّه القرآنَ فهو يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيلِ والنَّهارِ فَسمِعَهُ جَارٌ له ، فقال: لَيْتَني
أُوِتيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعمَلُ ،
ورجلٌ آتاهُ اللَّهُ مالا فهو يُنفِقُهُ في حَقَّهِ ، فقال رجل : لَيْتَني أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعمَلُ ».
أخرجه البخاري ، وفي رواية أخرى عند البخاري ومسلم عن عبد اللَّه بن مسعود
رضي الله عنه أنَّ رسِولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم- قال : « لا حَسَدَ إلا في اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ ، فهو يَقضِي بها ويُعَلِّمُها ، ورجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مالا فَسَلَّطَهُ على هَلكَتهِ في الحقَّ ». أخرجه البخاري ومسلم.
والحديث
يذكر نوعا من الحسد المحمود وهو أن تتمنى أن تكون مثل صاحب القرآن الذي
يعمل به ويتقي فيه ربه ، وكذلك أن تكون مثل صاحب المال المنفقه في سبيل
الله تعالي ، وكذلك مثل صاحب الحكمة الذي سخرها لمعالجة أمور الناس وفض
منازعتهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، ومدخل الشيطان من هذا الباب أن يشغل
بالك بهذا الذي يقرأ أو الذي ينفق ثم بعد ذلك يوسوس لك أنه يفعل ذلك رياء
أو سمعة أو غير ذلك وتقع أنت في الغيبة التي نهاك الله عنها في قوله تعالي "
ولا يغتب بعضكم بعضا " ولذلك لأن يكون الحسد محمود لك أن تتأثر بفعل الشخص
الطيب دون تتبع عوراته والبحث عن نقائصه وعيوبه
كل إنسان عنده عيوب ونفص في شيء مثال ..
.
كل إنسان عنده عيوب ونفص في شيء مثال ..
.
الحديث الثاني في الحسد المحمود
أبو كبشة الأنصاري رضي الله عنه أنه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ثلاث أُقْسِمُ عليهن ،: ما نقص مالُ [ عبد ] من
صدقة ، ولا ظُلِمَ عَبْد مَظْلمَة فصبر عليها ، إلا زاده الله بها عِزا ،
ولا فتح عبد بابَ مسألة ، إلا فتح الله عليه بها باب فقر
زاد في رواية
: «
وما تواضع عبد للَّه إلا رفعه الله ، وأُحَدِّثكم حديثا فاحفظوه ، إنما هذه الدنيا لأربعة نَفَر : عبد
رزقه الله مالا وعلما ، فهو يتَّقي في ماله رَّبهُ ، ويَصِلُ به رَحِمَهُ ،
ويعلم أنَّ للَّه فيه حقا ، فهذا بأَفضل المنازلِ ، وعبد رزقه الله علما
ولم يرزقْه مالا ، فهو صادقُ النية للَّه ، يقول : لو
أنَّ لي مالا لَعَمِلْتُ بعمل فلان ، فأجره بنيته فأجرهما سواء ، وعبد
رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يَخبِط في ماله بغير علم ، لا يتَّقي
فيه ربَّه ، ولا يصل به رحمه ، ولا يعلم للَّه فيه حقا ، فهذا بأخبث
المنازل ، وعبد لم يرزقْهُ الله مالا ولا علما ، فهو يقول : لو أنَّ لي مالا لعملت فيه بعمل فلان ، فهو بنيته ، وَوِزرُهما سواء ».
والحديث يشرح نوعا من الحسد المحمود وهو أن تتمني أن يكون لك مثل مال فلان وتعمل به وأنت صادق النية وفي الحديث جواز تمني النعمة للعمل الصالح وعدم جواز تمني النعمة مثل شخص غير ملتزم بحقوق الله فيها
والحديث يشرح نوعا من الحسد المحمود وهو أن تتمني أن يكون لك مثل مال فلان وتعمل به وأنت صادق النية وفي الحديث جواز تمني النعمة للعمل الصالح وعدم جواز تمني النعمة مثل شخص غير ملتزم بحقوق الله فيها
الحديث
الثالث في الحسد المحمود
حديث أنس وهو في مجمع الزوائد ـ باب في طهارة الصدر من الغش والحسد ـ عن أنس بن مالك قال كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من
وضوئه وقد تعلق بعلقة بيده الشمال فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه
وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى فلما كان اليوم الثالث قال
النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا فطلع ذلك الرجل على مثل حاله
الأولى فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمر فقال إني
لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي
فعلت قال نعم قال أنس فكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الثلاث الليالي
فلم يره يقوم من الليل إلا أنه إذا تعار أي تقلب على فراشه ذكر الله عز وجل
وكبر حتى صلاة الفجر قال إني لم أسمعه يقول إلا خيرا فلما مضت الثلاث
الليالي وكدت أن أحتقر عمله قلت يا عبدا لله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا
هجرة ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا ثلاث مرات يطلع
عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث المرات فأردت أن آوي إليك
فأنظر ما عملك فأقتدي بك فلم أرك عملت كبير عمل فما الذي بلغ بك رسول الله
صلى الله عليه وسلم ؟؟ قال ما هو إلا ما رأيت قال فلما وليت دعاني فقال ما
هو إلا ما أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير
أعطاه الله إياه فقال عبد الله هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق " رواه أحمد وفي الحديث نوع من الحسد المحمود وهي الغبطة .
ونستفيد من الحديث
أن
الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا يتنافسون فيما بينهم وكان النبي
صلي الله عليه وسلم يشجعهم علي هذا النوع من التنافس وهو التنافس علي أمور
الآخرة لأن التنافس علي أمر من أمور الدنيا فهو تنافس يؤدي إلي الحسد
المذموم وهو طريق من طرق الشيطان ومسلك من مسالكه وقد ورد أن النبي صلي
الله عليه وسلم حينما مر علي عمار ابن ياسر وأمه وأبوه وهم يعذبون أشد
التعذيب قال لهم صبرا آل ياسر فإن موعدكم ( ماذا ؟ ) هل قال موعدكم المال
!!! أم القصور الفارهة !! أم السلطة !! أم أملاك من كذا وكذا !!! ما قال
الرسول ذلك كله لماذا ؟ لأن هذه أمور زائلة كتب عليها الفناء والدمار
والخراب يوما ما ؛ ولكن الرسول وعدهم بأمر دائم لا ينقطع وهو الجنة قال صلي
الله عليه وسلم " صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة
" هذا هو التنافس الذي أراده الله لعباده قال الله تعالي " وَفِي ذَلِكَ
فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون " وذلك بعد أن حكي سبحانه عن حال الأبرار
في قوله تعالي " إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الأَرَائِكِ
يَنظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِن
رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ
الْمُتَنَافِسُونَ .
وقال الله
في آية أخرى " إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لِمِثْلِ هَذَا
فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ " وقد أورد ابن كثير في شرح الآية قصة ملخصها
أنه كان شريكان في بني إسرائيل أحدهما مؤمن والآخر كافر فافترقا على ستة
آلاف دينار لكل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار ثم افترقا فمكثا ما شاء الله
تعالى أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك؟ أتجرت به في شيء؟ فقال له المؤمن لا فما صنعت أنت؟ فقال اشتريت به أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار - قال - فقال له المؤمن أو فعلت؟
قال نعم قال فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي
فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال: اللهم إن فلانا - يعني
شريكه الكافر - اشترى أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار ثم يموت غدا ويتركها
اللهم إني اشتريت منك بهذه الألف دينار أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا في
الجنة - قال - ثم أصبح فقسمها في المساكين - قال- ثم مكثا ما شاء الله
تعالى أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك أتجرت
به في شيء؟ قال لا قال فما صنعت أنت؟ قال كانت ضيعتي قد اشتد على مؤونتها
فاشتريت رقيقا بألف دينار يقومون لي فيها يعملون لي فيها فقال له المومن أو
فعلت؟ قال نعم - قال- فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله
تعالى أن يصلي فلما أنصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال اللهم إن
فلانا- يعني شريكه الكافر- اشترى رقيقا من رقيق الدنيا بألف دينار يموت غدا
فيتركهم أو يموتون فيتركونه اللهم إني اشتريت منك بهذه الألف الدينار
رقيقا في الجنة - قال - ثم أصبح فقسمها في المساكين -
قال - ثم مكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك أتجرت به في شيء؟ قال لا فما صنعت أنت؟ قال كان امري كله قد تم إلا شيئا واحدا فلانة قد مات عنها زوجها فأصدقتها ألف دينار فجاءتني بها ومثلها معها فقال له المؤمن أو فعلت؟ قال نعم قال فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي فلما انصرف أخذ الألف الدينار الباقية فوضعها بين يديه وقال اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر- تزوج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار فيموت غدا فيتركها أو تموت غدا فتتركه اللهم وإني أخطب إليك بهذه الألف الدينار حوراء عيناء في الجنة - قال - ثم أصبح فقسمها بين المساكين قال - فبقي المؤمن ليس عنده شيء حتي جاءه رجل فقال له يا عبدا لله أتؤاجرني نفسك مشاهرة شهرا بشهر تقوم على دواب لي تعلفا وتكنس قال أفعل قال فواجره نفسه مشاهرة شهرا بشهر يقوم على دوابه وقال وكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه فإذا رأى منها دابة ضامرة أخذ برأسه فوجأ عنقه ثم يقول له سرقت شعير هذه البارحة قال فلما رأى المؤمن هذه الشدة قال لآتين شريكي الكافر فلأعملن في أرضه فليطعمني هذه الكسرة يوما بيوم ويكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال فانطلق يريده فانتهى إلى بابه فإذا قصر مشيد وإذا حوله البوابون فقال لهم استأذنوا لي على صاحب هذا القصر فإنكم إذا فعلتم سره ذلك فخرج شريكه الكافر وهو راكب فلما رآه عرفه فوقف عليه وسلم عليه وصافحه ثم قال له ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت؟ قال بلى قال وهذه حالي وهذه حالك؟ قال بلى قال أخبرني ما صنعت في مالك؟ قال لا تسألني عنه قال فما جاء بك؟ قال جئت أعمل في أرضك هذه فتطعمني هذه الكسرة يوما بيوم وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال لا حتى تخبرني ما صنعت في مالك قال أقرضته قال من؟ قال الله ربي قال وهو مصافحه فانتزع يده من يده ثم قال "أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون"
قال السديمحاسبون قال فانطلق الكافر وتركه قال فلما رآه المؤمن وليس يلوي عليه رجع وتركه يعيش في شدة من الزمان ويعيش الكافر في رخاء من الزمان قال فإذا كان يوم القيامة وأدخل الله تعالى المؤمن الجنة يمر فإذا هو بأرض ونخل وثمار وأنهار فيقول لمن هذا؟ فيقال هذا لك فيقول يا سبحان الله أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟ قال ثم يمر فإذا هو برقيق لا تحصى عدتهم فيقول لمن هذا؟ فيقول هؤلاء لك فيقول يا سبحان الله أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا قال ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة فيها حوراء عيناء فيقول لمن هذه فيقال هذه لك فيقول يا سبحان الله أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا قال ثم يذكر المؤمن شريكه الكافر فيقول "إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون" قال فالجنة عالية والنار هاوية قال فيريه الله تعالى شريكه في وسط الجحيم من بين أهل النار فإذا رآه المؤمن عرفه فيقول "تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون" بمثل ما قد من عليه قال فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة فلا يذكر مما مر عليه في الدنيا من الشدة أشد عليه من الموت . فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61)
قال - ثم مكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك أتجرت به في شيء؟ قال لا فما صنعت أنت؟ قال كان امري كله قد تم إلا شيئا واحدا فلانة قد مات عنها زوجها فأصدقتها ألف دينار فجاءتني بها ومثلها معها فقال له المؤمن أو فعلت؟ قال نعم قال فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي فلما انصرف أخذ الألف الدينار الباقية فوضعها بين يديه وقال اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر- تزوج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار فيموت غدا فيتركها أو تموت غدا فتتركه اللهم وإني أخطب إليك بهذه الألف الدينار حوراء عيناء في الجنة - قال - ثم أصبح فقسمها بين المساكين قال - فبقي المؤمن ليس عنده شيء حتي جاءه رجل فقال له يا عبدا لله أتؤاجرني نفسك مشاهرة شهرا بشهر تقوم على دواب لي تعلفا وتكنس قال أفعل قال فواجره نفسه مشاهرة شهرا بشهر يقوم على دوابه وقال وكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه فإذا رأى منها دابة ضامرة أخذ برأسه فوجأ عنقه ثم يقول له سرقت شعير هذه البارحة قال فلما رأى المؤمن هذه الشدة قال لآتين شريكي الكافر فلأعملن في أرضه فليطعمني هذه الكسرة يوما بيوم ويكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال فانطلق يريده فانتهى إلى بابه فإذا قصر مشيد وإذا حوله البوابون فقال لهم استأذنوا لي على صاحب هذا القصر فإنكم إذا فعلتم سره ذلك فخرج شريكه الكافر وهو راكب فلما رآه عرفه فوقف عليه وسلم عليه وصافحه ثم قال له ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت؟ قال بلى قال وهذه حالي وهذه حالك؟ قال بلى قال أخبرني ما صنعت في مالك؟ قال لا تسألني عنه قال فما جاء بك؟ قال جئت أعمل في أرضك هذه فتطعمني هذه الكسرة يوما بيوم وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال لا حتى تخبرني ما صنعت في مالك قال أقرضته قال من؟ قال الله ربي قال وهو مصافحه فانتزع يده من يده ثم قال "أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون"
قال السديمحاسبون قال فانطلق الكافر وتركه قال فلما رآه المؤمن وليس يلوي عليه رجع وتركه يعيش في شدة من الزمان ويعيش الكافر في رخاء من الزمان قال فإذا كان يوم القيامة وأدخل الله تعالى المؤمن الجنة يمر فإذا هو بأرض ونخل وثمار وأنهار فيقول لمن هذا؟ فيقال هذا لك فيقول يا سبحان الله أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟ قال ثم يمر فإذا هو برقيق لا تحصى عدتهم فيقول لمن هذا؟ فيقول هؤلاء لك فيقول يا سبحان الله أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا قال ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة فيها حوراء عيناء فيقول لمن هذه فيقال هذه لك فيقول يا سبحان الله أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا قال ثم يذكر المؤمن شريكه الكافر فيقول "إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون" قال فالجنة عالية والنار هاوية قال فيريه الله تعالى شريكه في وسط الجحيم من بين أهل النار فإذا رآه المؤمن عرفه فيقول "تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون" بمثل ما قد من عليه قال فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة فلا يذكر مما مر عليه في الدنيا من الشدة أشد عليه من الموت . فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61)
المرجو نشر هذا الموضوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق