خطبة الجمعة لمسجد القدس بالتجمع الخامس
الجمعة 20 سبتمبر 2013 م
الخطبة العشرون في شرح حديث حذيفة في الفتن
الشيخ أشرف الفيل
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وبعد بعد مقتل عثمان ابن عفان رضي الله عنه قام علي فدخل منزله فأتاه أصحاب رسول الله فقالوا إن هذا الرجل قد قتل ولا بد للناس من إمام ولا نجد اليوم أحدا أحق بهذا الأمر منك ـ لا ـ أقدم سابقة ـ ولا ـ أقرب من رسول الله . فقال لا تفعلوا لأن أكون وزيرا خير من أكون أميرا !!! فقالوا لا : والله ما نحن بفاعلين حتي نبايعك فمد يدك فأنت أحق بالخلافة فقال علي ليس ذلك إليكم إنما ذاك إلي أهل بدر فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة . فلم يبق أحد إلا جاء علي إلا طلحة والزبير فقال أين طلحة والزبير ؟ فجاؤوه وبايعوه فقال إن كان ففي المسجد فإن بيعتي لا تكون خفية ولا تكون إلا عن رضا من المسلمين قال ابن عباس لقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يشغب عليه وأبي هو إلا المسجد فلما دخل دخل معه المهاجرون والأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس ( ذكر هذا الكلام محمد ابن الحنفية )
والواضح من هذا أن الخلافة لم تكن في قلب علي ولا في فكره بل إنه كان يتمني أن يكون وزيرا خير له من أمير لمعرفته بالمسئولية وخطر الموقف القادم عليه بعد مقتل عثمان وهذه الأمنية كانت وليدة الموقف لذكاء علي وفطنته وهذا لا يمنع أن عليا كان من ذي قبل يتوقع أن تؤول الإمامة إليه لأنه كان يعلم قربه من رسول الله وأنه من بني هاشم وصهر رسول الله وزوج ابته فاطمة كل هذه عوامل كانت في قلب علي لكن كان ذلك بعد موت النبي صلي الله عليه وسلم مباشرة أما بعد مقتل عثمان فلا . لأن الأمر تغير والناس تغيروا والفكر تغير والإيمان عند الناس ليس هو بنفس درجة الإيمان من ذي قبل . والدليل علي ذلك قبيل وفاة النبي قال العباس بن عبد المطلب لعلي رضي الله عنهما اذهب بنا إلي رسول الله نسأله فيمن هذا الأمر إن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا علمناه فأوصي بنا فقال علي إنا والله لئن سألنها رسول الله صلي الله عليه وسلم فمنعناها لن يعطاها الناس لنا بعده وإني والله لا أسأل فيها رسول الله " وثمة دليل
آخر وهو أن عليا رضي الله عنه لما قدم البصرة وهو أمير المؤمنين في أمر طلحة وأصحابه وهو ما سنتناوله بعد في قصة معركة الجمل ـ كان من جملة كلامه لهم لما قبض عمر ذكرت في نفسي قرابتي وسابقتي وفضلي وأنا أظن أنه لن يعدل بي ولكنه خشي أن لا يعمل الخليفة بعده ذنبا إلا لحقه في قبره فأخرج منها نفسه وولده ولو كانت محاباة منه لآثر ولده وبرئ منها إلي رهط من قريش ستة أنا أحدهم ( عثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير ) إذا يفهم من هذا أن علي ابن ابي طالب شأنه شأن باقي الناس ولم يسر إليه النبي شيئا في أمر الخلافة بعده أو لم يكن وصيا لرسول الله وإلا كان أخبر العباس بن عبد المطلب ! أليس كذلك ؟ ولنذهب إلي علي ونذكر سيرته مع الخلفاء من قبله وهل بايعهم أم لا ؟ ولماذا تأخرت بيعته لأبي بكر وما هو سر ذلك ؟ لما تولي أبو بكر الخلافة وكان من الطبيعي أن يتوقعها علي لنفسه لقربه من رسول الله لكنه لما ذهبت البيعة إلي أبي بكر فهم علي أن هذا مراد الله تعالي لعباده ولذا قال علي " قدم رسول الله أبا بكر يصلي بالناس وأنا حاضر غير غائب وصحيح غير مريض ولو شاء أن يقدمني لقدمني فرضينا لدنيانا ما رضيه الله ورسوله لديننا " وسأل رجل عليا ذات يوم فقال له ما بال المهاجرين والأنصار قدموا أبا بكر وأنت أوفي منه منقبة وأقدم منه سلما وأسبق سابقة قال له علي لولا أن المؤمن عائذ بالله لقتلتك إن أبا بكر سبقني إلي أربع سبقني إلي الإيمان وسبقني إلي الإمامه وسبقني إلي الهجرة وإلي الغار ويحك إن الله ذم الناس ومدح أبا بكر فقال إلا تنصروه فقد نصره الله ولما مات أبو بكر وقف علي قبره قائلا " رحمك الله يا أبا بكر كنت والله أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا وأشدهم يقينا صدقت رسول الله حين كذبه الناس وواسيته حين بخلوا وقمت معه حين قعدوا كنت والله للإسلام حصنا وللكافرين ناكيا لم تهن حجتك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك !!!!
وبعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه تولي عمر الخلافة وكان أبو بكر رضي الله عنه قد استخلفه وعهد إليه ففي مرضه الاخير أرسل إلي عبد الرحمن ابن عوف يسأله عن عمر فقال له ماتسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني قال أبو بكر وإن . فقال عبد الرحمن ابن عوف هو والله أفضل من تراه أهلا للخلافة ثم أرسل إلي عثمان فسأله فقال له عثمان أنت أخبرنا به فقال له أبو بكر علي ذلك يا أبا عبد الله فقال عثمان اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته وأنه ليس فينا مثله وشاور أبو بكر عددا كبيرا من الناس حتي دخل عليه رجل فقال له ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا وأنت تعرف غلظته فقال أبو بكر أجلسوني أبالله تخوفوني خاب من تزود من أمركم بظلم أقول لربي اللهم استخلفت عليهم خير أهلك أبلغ عني ما قلت لك من وراءك " وبايع علي عمر وكان من أوائل المبايعين له وكان عمر يستفتي عليا في المسائل ومنها مكث عمر زمانا لا يأكل من المال شيئا أي لا يتعاطي راتبا علي عمله حتي دخلت عليه في ذلك خصاصة أي فقر وحاجة فأرسل إلي أصحاب رسول الله يستشيرهم فقال له عثمان كل وأطعم وقال مثل مقولته آخرون من الصحابة إلا أن عمر انتظر رأي علي فقال له وما تقول أنت يا أبا الحسن في ذلك قال غداء وعشاء فأخذ برأيه عمر فكان لا يأكل إلا غداء وعشاء وذات مرة حدث جفاء بين علي وعمر وحدث أن أمرأة مغيب عنها زوجها كان يدخل عليها الرجال فأنكر عمر ذلك فأرسل إليها فقيل لها أجيبي أمير المؤمنين فقالت يا وليها مالها ولعمر فبينما هي في الطريق فزعت فضربها الطلق فدخلت دارا فألقت ولدها فصاح الصبي صيحتين ثم مات فاستشار عمر أصحاب النبي فقال بعضهم ليس عليك شيئ إنما أنت وال ومؤدب وصمت علي فقال له عمر وما تقول أنت يا علي قال إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأوا رأيهم وإن قالوا في هواك فلم ينصحوا لك أري أن ديته عليك فإنك أنت أفزعتها وألقت ولدها بسببك فقال لا بارك الله في أرض لست فيها يا أبا الحسن !!!!!!! ولما قتل عمر دخل عليه علي ابن أبي طالب فقال ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقي الله بمثل عمله منك وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وحسبت أني كنت كثيرا أسمع النبي يقول ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر وكشف الثوب عن وجه عمر وقال له رحمك الله يا أبا حفص ما أحدا أحب إلي بعد النبي أن ألقي الله بصحيفته منك !!!!!!!!!!
المرجو نشر هذا الموضوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق