استمع للقرآن الكريم

الأسباب التى تجلب محبة الله فى القلب





المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أجمعين وبعد : ـ

فلقد حذرنا الله تعالي من زينة الدنيا خشية أن تأخذ قلوبنا وتصرفنا عنه سبحانه وتعالي إذ الأصل أنه سبحانه وتعالي خلق الدنيا كلها من أجل خدمة العبد ـ لا ـ العكس وخلق العبد من أجل مقصد واحد لا غيره ، وهو عبادة الله تعالي بالصورة التي يرضاها الله تعالي ـ لا بالصورة التي يرضاها العبد لنفسه ؛ لذلك شرع الله تعالي له شرائع حتى يسير علي نهجها وعلي خطاها فمن هذه الشرائع : ـ الصلاة . شرعها الله تعالي خمس مرات في اليوم والليلة حتى يربط العبد به دائما وحتى يدفع عنه اعتماده علي نفسه أو علي أحد غير الله تعالي ؛ ولذلك ورد في سنن أبي داود من حديث ابن مسعود رضي الله تعالي عنه أنه قال " حافظوا على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن فإنهن من سنن الهدى وإن الله شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق بين النفاق ولقد رأيتنا وإن الرجل ليهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف وما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته ولو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ولو تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لكفرتم " هكذا تجد حرص الرسول الكريم علي الصلاة في جماعة ولكن بالنظر إلي الناس في هذا الزمان تجد إهمالا بينا في الصلاة وتجد وضوحا كاملا في ترك الصلاة فما السبب الداعي لهذا الترك ؟ وهذا التخلف عن الجماعات ؟؟؟؟؟ لا أرى سببا إلا بعد العبد عن ربه وقلة حب العبد لربه !!! فهل ترى غير ذلك ؟؟؟؟؟؟








ومن الشرائع التي شرعها الله تعالي للعبد الصيام حتى يربي العبد علي حفظ فرجه ولسانه ويعود العبد علي مراقبة ربه الليل والنهار فقد ورد في الحديث " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل " وفي القرآن قوله تعالي " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلي نسائكم " ألا تري أنه يمكن للعبد أن يأكل ويشرب دون أن يراه أحد ؟؟؟ كذلك ألا ترى كيف منع الله الرجل والمرأة من أنفسهما في وقت النهار دون وقت؟ وذلك في رمضان دون الأيام الباقية ؟؟؟؟ كل ذلك يريد الله تعالي أن يعلمنا مراقبته في كل الأمور وكان الأصل في الصيام الإقلال من الطعام والشراب لا العكس ولذلك ورد في سنن الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الصوم صوم أخي داود كان يصوم يوما ويفطر يوما " ولما سئل عن ذلك قال أجوع يوما فأتذكر الفقير وأشبع يوما فأشكر الله تعالي . وكانت الحكمة من الصيام هي تحقيق التقوى في قلب العبد ولا تحقق التقوى إلا بكثرة الذكر والانشغال بطاعة الله تعالي دون غيرها ولكن بالنظر إلي صيامنا نجد أننا نقضي وقتا طويلا أما الملهيات والمشغلات عن الطاعات !!! تجد أننا نتكلم كثيرا فيما يفيد ومالا يفيد وكثيرا نقع في الغيبة المحرمة علينا شرعا !!! وما ذلك إلا لبعدنا عن ربنا وقلة حبنا لله تعالي . ألا تري غير ذلك ؟؟؟؟؟








ومن الشرائع التي فرضها الله تعالي الحج حتى يعلمنا قوة التحمل في باقي الطاعات والعبادات ويعلمنا فضل التضحيات من أجل دين الله تعالي ومن أجل نشره فها نحن نسعي بين الصفا والمروة وقد جعلها الله تعالي شعيرة من شعائر الحج فقال جل ذكره " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " والمتأمل في هذه الشعيرة يجد أن سيدنا إبراهيم حينما ترك ولده إسماعيل مع أمه هاجر وتركهما في هذا الوادي المخبف ـ آن ذاك ـ وحدهم وكان هذا الترك بأمر من أوامر الله تعالي ؛ ولذلك كان إبراهيم عليه السلام مطمئنا لأنه يعلم عظيم قدرة الله تعالي وفي هذا المعني أيضا تضحيته بولده وزوجته من أجل ماذا ؟؟؟؟؟؟؟ من أجل مرضات ربه ألا ترى ذلك ؟؟؟؟؟؟ ولما تركهما قالت هاجر له متسائلة آلله أمرك بهذا قال نعم قالت بثبات امرأة صابرة محتسبة إذا لن يضيعنا الله تعالي ، ولما نفد طعامها وشرابها وخشيت علي رضيعها ، وكانت علي يقين أن الله تعالي سوف يرضيها ـ فهرولت بين جبلي الصفا والمروة سبعا وهي تناجي ربها وتدعوه . ألا تري هذه التضحية ؟؟؟؟ رضيت ببقائها في الوادي المخيف وحدها مع رضيعها !!! ألا تراها صارت تبتهل وتدعو إلي الله رب العالمين حتى يشبع رضيعها خشية الموت جوعا ؟؟ أليست هذه تضحية ؟؟؟؟ وبسببها كان الأمر من الله تعالي بهذه الهرولة بين الصفا والمروة وبسبب هذه التضحية كانت عين زمزم شفاء ؛ ولذلك ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له فإن شربته تستشفى به شفاك الله وإن شربته مستعيذا عاذك الله وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه " قال وكان بن عباس إذا شرب ماء زمزم قال اللهم أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء " ـ هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ـ ألا تري أن ذلك كله بسبب تضحيتهما معا من أجل الله تعالي ومن أجل رضاه . هذا بعض ما أشار إليه القرآن في الهدف من الحج فكيف حالنا في التضحية من أجل ديننا ومن أجل مرضاة ربنا ؟؟؟؟ ألا تري إلا تخاذلنا عن نصرة دين ربنا وقلة تضحيتنا لهذا الدين العظيم ؟؟؟ ألا تري أننا جعلنا الدين العظيم في موقع المدافع عن نفسه ؟؟؟ ألا تفكر معي ما هو السبب في تخاذل المسلين ؟؟؟ لا أجد سبب في ذلك إلا قلة حب المسلمين لرب العالمين !!!!!!!!








ومن الشرائع التي فرضها الله تعالي علينا الزكاة وكان المقصد من ذلك جلب الرحمة في قلوب العباد فالله سبحانه وتعالي قادر علي رزق العباد أجمعين بسبب وبدون سبب وإلا فمن رزق موسي عليه السلام بالهواء ليتنفس به حينما ألقته أمه في اليم كما حكي بذلك القرآن الكريم عند قوله تعالي " فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني " ؟؟؟؟؟؟ ومن يرزق الدودة في قلب الحجر ؟؟ من يرزقها النفس والماء ؟؟؟ ؟؟ إذا الله تعالي جعل الفقراء لا لمحض كونهم فقراء فلو منع الناس العطية لوهبهم الله ما به تستقيم حياتهم ألا ترى إلي المسلمين في بادئ أمرهم حينما أصدرت قريش قرارا بمقاطعتهم ولم يجدوا ما يطعمون به ؟؟؟؟ من رزقهم وأعطاهم ؟؟ من منحهم وهداهم ؟؟؟ حتى أن أحدهم قال لقد وطئت بقدمي علي شيء علي الأرض فوجدته رطبا فرفعته إلي فمي وما أدري ما هو إلي الآن !!! أنظر كيف كان الحال وبالرغم من ذلك لم يموتوا !!!! نخلص من ذلك إلي أن الله تعالي شرع الزكاة للعباد حتى يجلب في قلوبهم الرحمة بالعباد فإذا جاءت رحمة العباد بالعباد جاءت رحمة رب العباد بالعباد !!! وهذه الرحمة مطلوبة لنا جميعا وسبيلنا إليها إحساسنا بالفقراء والمعدمين .... ومن مقاصد الزكاة أيضا أن الله تعالي أراد أن يحررنا من حب المال لأن الإنسان بطبعه جبل علي حب المال وفي القرآن يقول الحق سبحانه وتعالي " وإنه لحب الخير لشديد " قال المفسرون أن المراد بالخير المال وقد ورد في آية أخرى قوله تعالي " وتحبون المال حبا جما " ولما كان الإنسان مشغولا بحب المال وجمعه أراد الله تعالي أن يجعل له ضابطا يضبط به نفسه عند الطمع حتى لا يسيطر حب المال علي قلبه فيشغله تمام الشغل عن المقصد الذي أوجده الله تعالي من أجله وهو العبادة فشرع الله تعالي زكاة المال ليتعود المرء علي أن يقتطع من ماله مالا يعطيه لمن لم يعطهم الله تعالي مثله ، وكذلك ليتعود المرء أن يترك ماله هذا عندما يتطلب الأمر منه ذلك . إذا أحس أنه مالا حراما وجب عليه أن يتركه . إذا أحس أنه مطلوب للصلاة مثلا وجب عليه أن يترك ما في يده للصلاة . إذا أحس أن دينه يحتاج منه أن يقتطع من وقت ـ جمع ماله ـ ليعطي هذا الوقت لدين ربه سواء كانت دعوة إلي الله تعالي أو مساعدة لمحتاج يحتاج إلي من يقف إلي جواره في منحة وغير ذلك .فلا بد من ترك المال لنداء دينه ومرضات ربه فهل تحقق فينا ذلك علي هذا الوجه ؟؟؟ لا أظن !!! بل إننا نحاول أن نقتطع من أوقات العبادات لجمع المال والطامة الكبرى أن بعضا من الناس يجمع الحلال والحرام معا دون أن يتحرى الدقة في ما يجمعه ويرجع السبب في ذلك إلي بعد الناس عن ربهم وعدم معرفتهم به معرفة كاملة وعدم حبهم لما يرضاه سبحانه وتعالي لذلك احتجنا لأسباب المحبة .








ومن الشرائع التي شرعها الله تعالي علي الناس الدعوةإلي الله تعالي فقد ذكر سبحانه وتعالي في مواضع عديدة من آيات القرآن الكريم مبينا أهمية الدعوة في حياة العبد المسلم ـ بما يغني عن التعليق علي ذلك والمتأمل في آيات القرآن الكريم يجد أن الحق سبحانه وتعالي حينما شرع في الحديث عن الدعوة إليه سبحانه وأهمية ذلك في حياتنا تجده ــ في موضع من المواضع يبين للأمة أن سبب فلاح ونجاح العبد هو في عمل الدعوة إلي الله تعالي فقد قال سبحانه في آيات سورة العمران " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " فقد خص الله تبارك وتعالي هذه الأمة الداعية بالفلاح دون غيرها !! ألا تري ذلك ؟؟؟
ــ وفي موضع آخر تجد الحق سبحانه وتعالي يبين أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب من أسباب خيرية هذه الأمة تأمل قوله تعالي " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ " ألا تري أن الله تعالي بين خيرية هذه الأمة بهذا العمل ؟؟؟ وألا تري أن الله تعالي قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علي الإيمان به !! ألا تتأمل الآية !!!
ــ وفي موضع آخر يبين الله تعالي أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب من أسباب النصر والتمكين لهذه الأمة انظر قوله تعالي ": الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ " تأمل الآية التي بعدها وفيها يبين الحق سبحانه وتعالي أسباب هذا النصر والتمكين لعباده وما هي إلا صفات اتصف بها المؤمنون تابع الآيات يقول الحق سبحانه في الآية التي تليها " الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ " ألا تري أن الله تعالي جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الصلاة والزكاة !!! أين نحن من هذا الأمر ؟؟ تأمل !!!!!!!!! ثم تأمل هذه الآية التي جعل الله تعالي فيها الصلاة والزكاة مقدمتين علي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر !!!!!!!








ــ وفي موضع آخر بين الله تعالي أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصائص صفات المؤمنين والمؤمنات قال الله تعالي " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " تأمل الآية . ثم انظر كيف أن الله تعالي جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الصلاة والزكاة ثم قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علي الصلاة والزكاة في هذه الآية ليبين لك أن أول صفة تشغل هم المؤمن هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ثم تأمل ذكره المؤمنات في الآية ليبين لك أن هذا العمل ليس قاصرا علي الرجال بل كذلك للنساء ألا تري ذلك واضحا !!!!








ــ وفي موضع آخر بين الله تعالي أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب من أسباب ثناء الله تعالي علي القائمين بهذا العمل تأمل الآيات " إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ " ألا تري أن الله تعالي أثني عليهم ببشارته تعالي لهم !!!
ــ وفي موضع آخر بين الله تعالي أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو عمل الأنبياء تأمل الآيات قال الله تعالي " وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبائث وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " ألا تري أن الله بين عمل النبي في هذه الآية وأن عمله هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟؟؟ هل تري خلاف ذلك ؟؟؟؟








ــ وفي موضع آخر بين الله تعالي أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شرع من الشرائع التي فرضها الله تعالي علي هذه الأمة وبين أن هذا العمل من خصائص الأنبياء فقط ولكنه تعالي ـ من ـ بهذا العمل علينا وخصنا به فقال جل ذكره " شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ ولا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ " تأمل الآية تجد أن الله تعالي شرع لنا من جنس ما شرع للرسل قبلنا أليست هذه ميزة وكرامة ؟؟؟؟ ويؤيد هذا الأمر بعديد من الآيات التي تؤكد ذلك فيقول جل ذكره " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ " تأمل الآية ثم اقرأ هذه الآية " وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ " تأمل الآية الأولي بين سبحانه أن هذه الأمة شهيدة علي الناس وفي الآخرة يكون الرسول شهيدا علي ما شهدوا به علي الناس . وفي الآية الثانية بين أن الرسول شهيد علي الأمة في حال حياته وفي الآخرة ستكون الأمة شهيدة علي الأمم الأخري في أن رسلهم قد بلغتهم كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدعى نوح عليه السلام يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول هل بلغت فيقول نعم فيقال لأمته هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير فيقول من يشهد لك فيقول محمد وأمته فيشهدون أنه قد بلغ ويكون الرسول عليكم شهيداً" فذلك قوله عز وجل "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"..







. وذكر هذا الحديث مطولاً ابن مبارك بمعناه ، وفيه : " فتقول تلك الأمم كيف يشهد علينا من لم يدركنا فيقول لهم الرب سبحانه : كيف تشهدون على من لم تدركوا فيقولون ربنا بعثت إلينا رسولاً وأنزلت إلينا عهدك وكتابك وقصصت علينا أنهم قد بلغوا فشهدنا بما عهدت إلينا فيقول الرب صدقوا " هذه صور من تكريم الله لهذه الأمة فهل تري أن هذه الأمة قائمة بما كرمها الله به الآن ؟؟؟؟ أم تراهم في اللهو ناجحون وعن الذكر معرضون ومن ربهم مبتعدون ؟؟؟؟ ماذا تري بربك إنهم باعدون كل البعد عن طريق الدعوة إلي الله ــ وقليل ماهم ــ وتجدهم متأثرون بحضارات الغرب والشرق ومتأثرون ببعض المغضوب عليهم الذين يحرفون في دين الله كثيرا ولذلك لما وجد العدو بعد الناس عن ربهم وعن دينهم وجهلههم أبسط الأعمال المفروضة عليهم صاروا ـ أي أعداء الإسلام ــ يدخلونهم في مناقشات ومجادلات غريبة تشككهم في دين ربهم وهذا أمر يسير علي العدو لأن المسلمين تركوا سلاح العلم بربهم كما تركوا أيضا سلاح الدفاع عن شرفهم وكرامتهم وعزتهم ونصرتهم !!!!! ولا أري النجاة من هذه الهموم ومن تلك البحار العميقة من الشبهات والأباطيل التي يضل بها عدو الله عباد الله ـ إلا بالعودة إلي الدعوة إلي الله تعالي . ألا تري حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يبين لك أن النجاة في الدعوة إلي الله تعالي ـ لا ـ في أمر آخر ألا تراه يضرب لك مثالا رائعا يشبه فيه العصاة من هذه الأمة والمؤمنين منها أنهم في سفينة واحدة وفي أعماق البحر وإذ بالمفسدين يريدون خرق السفينة بحجة احتياجهم للماء ويتعرض لهم المؤمنون فيحاولون منعهم ويخرج من بينهم جماعة أخري تدعي أن لا علاقة لها بشيء ماداموا هم بخير وسبحان الله العظيم ! ما أشبه الليلة ؟؟ بالبارحة انظر معي حديث الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه وسلم في صحيح البخاري من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا " أرأيت إلي جمال التشبيه من الرسول الكريم في كيفية الحفاظ علي عصاة الأمة ودعوتهم إلي الله لنجاة الطرفين هل ترى من مخرج أوسع من هذا ؟؟؟






ولذلك جعل الرسول الكريم ثواب الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ثواب الصدقة الجارية انظر إلي هذا الحديث في صحيح مسلم من حديث أبي ذر أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم . قال : أو ليس الله قد جعل الله لكم ما تصدقون ؟ إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهى عن منكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " لماذا كل هذا الثواب من الله للعبد علي هذا العمل ؟؟ ليس ذلك إلا لكون هذا العمل من أحب الأعمال إلي الله تعالي وقد ورد في الحديث الذي ذكره القرطبي في التفسير أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال " من أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر فهو خليفة الله تعالي في أرضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه " ألا تري أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل الأعمال وبالرغم من هذا كله إلا أن الأمة تغافلت عن هذا العمل وعمل المنافقون علي صد هذا العمل بشتي الوسائل وتحت مسميات مختلفة وهذا هو النقص الذي كان يخاف الرسول صلي الله عليه وسلم منه علي أمته فقد ورد في الحديث الذي ذكره القرطبي في تفسير قوله تعالي " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داود " خرج أبو داود عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل أول ما يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ.. ثم قال كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنه على الحق ولتقصرنه على الحق قصرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض وليلعننكم كما لعنهم " وخرجه الترمذي أيضا .







ولم يكن المنافقون أقل حالا من اليهود فقد ذكر الحق سبحانه وتعالي صفاتهم الذميمة فقال جل ذكره " والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسو الله فنسيهم إن المنافين هم الفاسقون "
خطورة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب من أسباب تعميم البلاء قال الله تعالي " واتقوا فتنة لا تصبن الذين ظلموا منكم خاصة "
وتعطيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب من أسباب العقوبة الجماعية وفي ذلك حديث الرسول عليه الصلاة والسلام " يا أيها الناس مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعو الله فلا يستجيب لكم وقبل أن تستغفروه فلا يغفر لكم "
وقد تبرأ النبي صلي الله عليه وسلم من كل من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد ورد في الحديث " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر " وبالرغم من أن العباد يعلمون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو صمام أمن الحياة ومن أسباب سعادة الفرد والجماعة والمجتمع وذلك لما له من أثر في إزالة عوامل الشر والفساد من حياة الأمة وكذلك هذا العمل يوجد الجو الصالح والمناخ المناسب الذي تنموا فيه الآداب وتنتشر فيه الفضائل الإسلامية ومع ذلك كله أهمل هذا العمل وترك !! ألا تري أن السبب في ذلك هو قلة حب الناس لربهم وبعدهم عن المحبة ؟؟ فالذي يحب شخصا كثيرا ما يحكي عنه ويتحدث بكلامه كثيرا ولا يسمح لأحد أن يخوض في عرضه أليس كذلك ؟؟؟ لكننا الآن تركنا الكفرة والمنافقين يخوضون في الحديث عن ربنا تبارك وتعالي وما استطعنا الرد عليهم بالصورة التي تدل علي أن في قلوبنا غيرة حقيقة علي ربنا الذي نحبه وندعي ولائنا له !!
لذلك ولغيره جلست أفكر في موضوع أحكي فيه كيف يحب الناس ربهم ويتقربون منه ويغيرون عليه من كلام الحاقدين والضالين والمغضوب عليهم كيف و كيف ؟؟؟ لا أدري !! لكن الله تعالي هداني إلي عنوان عساني أجمع من خلاله المادة العلمية وكان هذا العنوان هو . " الأسباب التي تجلب محبة الله تعالي في القلب "








ومن خلال هذا العنوان الذي هديت إليه جمعت أسباب للمحبة متمثلة في النقاط التالية : ـ
· تحقيق كمال توحيد الله تعالي في القلب تحدثت فيه عن معني توحيد الله تعالي ثم ذكرت صورا من الشرك الذي وقع فيه الناس وانتشر فيما بينهم
· الاهتمام بالقرآن ـ كلام الله تعالي ـ قراءة وحفظا وفهما وتدبرا وتحدثت فيه عن فضل القرآن الكريم وفضل سور منه وفضل تلاوته والعوامل التي تساعد علي حفظه .
· التأكيد علي أداء النوافل وتحدثت فيها عن معني النوافل والمراد بها وفضلها وفائدتها للعبد في الدنيا وعند الموت وفي القبر ويوم القيامة وعرضت صورا وأمثلة لذلك .
· مداومة الذكر وعرضت فيه فضل الذكر وكيفيته والمراد بالذكر وفائدته للعبد في الدنيا والآخرة .
· إيثار ما يحبه الله تعالي علي ما يحبه العبد وعرضت فيه كيف يستطيع الإنسان أن يقدم طاعة الله تعالي علي كل الطاعات وكيف يتحقق ذلك .
· معرفة العبد للنعم التي من الله بها عليه وعرضت فيه صورا من هذه النعم التي من الله بها علينا وذكرت صورا من مظاهر قدرته سبحانه وتعالي .
· الإكثار من الدعاء وانكسار القلب في الدعاء وعرضت فيه كلاما عن الدعاء وفضله وآدابه وكيفيته وفائدته وأهميته في حياة العبد .
· مجالسة أهل الخشية من الله تعالي وهم آهل العلم وعرضت فيه فضل العلم والعلماء والتعلم وفضل مجالس العلم والعمل علي متابعتها .
· اجتناب المعاصي والتخلص منها وعرضت تعريف المعصية وأسبابها والآثار المترتبة علي ذلك و أضرار المعصية علي الفرد والجماعة والمجتمع .
· تكرار التوبة وعرضت فيها تعريف التوبة وشروطها وفائدتها في حياة العبد والأسباب التي تثبت العبد علي التوبة وعرضت صورا من ذلك من الكتاب والسنة وبعضا من توبة الصحابة والتابعين وبعضا من توبة أهل المعاصي في العصر الحديث

وبعد فهذا عمل وفقني الله تعالي إليه وهداني له وهو وحده صاحب العزة والجبروت والملك والملكوت وهو وحده صاحب الفضل فيه فإن يكن فيه من كمال فهو من الله العلي القدير وحده وإن يكن فيه من نقص أو تقصير فهو مني ومن نفسي وأسأل الله سبحانه وتعالي أن يجعله في ميزان حسناتي وأن ينفع به المسلمين إنه نعم المولي ونعم النصير .


كتبه الفقير إلي عفو ربه / أشرف الفيل
القاهرة في الثلاثاء 7 / 12 / 2004 م 24 من شوال لسنة1425 هـ

المرجو نشر هذا الموضوع

Sharing Widget bychamelcool


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق المحفوضة لدى كلفين للمعلوميات 2013 - 2014 | © كلفين للمعلوميات عدد الزوار المتواجدين حاليا بالموقع

back to top