خطبة الجمعة لمسجد القدس بالتجمع الخامس
الجمعة 13 سبتمبر 2013 م
الخطبة التاسعة عشرة في شرح حديث حذيفة في الفتن
الشيخ أشرف الفيل
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله وبعد
بعد مقتل عثمان ابن عفان رضي الله عنه قام علي فدخل منزله فأتاه أصحاب رسول الله فقالوا إن هذا الرجل قد قتل ولا بد للناس من إمام ولا نجد اليوم أحدا أحق بهذا الأمر منك ـ لا ـ أقدم سابقة ـ ولا ـ أقرب من رسول الله . فقال لا تفعلوا لأن أكون وزيرا خير من أكون أميرا !!! فقالوا لا : والله ما نحن بفاعلين حتي نبايعك فمد يدك فأنت أحق بالخلافة فقال علي ليس ذلك إليكم إنما ذاك إلي أهل بدر فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة . فلم يبق أحد إلا جاء علي إلا طلحة والزبير فقال أين طلحة والزبير ؟ فجاؤوه وبايعوه فقال إن كان ففي المسجد فإن بيعتي لا تكون خفية ولا تكون إلا عن رضا من المسلمين قال ابن عباس لقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يشغب عليه وأبي هو إلا المسجد فلما دخل دخل معه المهاجرون والأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس ( ذكر هذا الكلام محمد ابن الحنفية )
ولما كانت أول يمين بايعت عليا في المسجد كانت يمين طلحة قال أحد المنافقين أول من بدأ بالبيعة يد شلاء إذا لن يتم هذا الأمر وهذا جهل من هذا المنافق الجبان لأن يد طلحة أعظم بركة وأندي عطاء لأنها يد دافعت عن رسول الله يوم أحد وحمته من السهام !!! ( وتلك بداية عمل المنافقين )
وجاء الأحنف بن قيس إلي طلحة والزبير وقال لهما أري أن عثمان مقتولا فمن ترضيان لي أن أبايع فقالا له علي فقال لهما أترضيانه لي فقالا نعم !
والواضح من هذا أن الخلافة لم تكن في قلب علي ولا في فكره بل إنه كان يتمني أن يكون وزيرا خير له من أمير لمعرفته بالمسئولية وخطر الموقف القادم عليه بعد مقتل عثمان وهذه الأمنية كانت وليدة الموقف لذكاء علي وفطنته وهذا لا يمنع أن عليا كان من ذي قبل يتوقع أن تؤول الإمامة إليه لأنه كان يعلم قربه من رسول الله وأنه من بني هاشم وصهر رسول الله وزوج ابته فاطمة كل هذه عوامل كانت في قلب علي لكن كان ذلك بعد موت النبي صلي الله عليه وسلم مباشرة أما بعد مقتل عثمان فلا . لأن الأمر تغير والناس تغيروا والفكر تغير والإيمان عند الناس ليس هو بنفس درجة الإيمان من ذي قبل .
قبيل وفاة النبي قال العباس بن عبد المطلب لعلي رضي الله عنهما اذهب بنا إلي رسول الله نسأله فيمن هذا الأمر إن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا علمناه فأوصي بنا فقال علي إنا والله لئن سألنها رسول الله صلي الله عليه وسلم فمنعناها لن يعطاها الناس لنا بعده وإني والله لا أسأل فيها رسول الله "
إذا يفهم من هذا أن علي ابن ابي طالب شأنه شأن باقي الناس ولم يسر إليه النبي شيئا في أمر الخلافة بعده أو لم يكن وصيا لرسول الله وإلا كان أخبر العباس بن عبد المطلب ! أليس كذلك ؟
فقد أورد بعض الناس حديثا لا يصح أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لأنس يا أنس اسكب لي وضوءا ثم قام فصلي ركعتين ثم قال يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المرسلين وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين فجاء علي "
وهذا الحديث لا يصح عن رسول الله ولا يصح أن يعلمه أنس ويخفيه أو يعرفه علي ويدفنه أو يعلمه عمر وأبو بكر ولا يقدمانه عليهما !
يقول ابن كثير ولو كان الأمر كما زعموا لما رد ذلك أحد من الصحابة فإنهم كانوا أطوع لله ورسوله في حياته وبعد مماته فلا يمكن أن يقدموا غير من قدمه النبي صلي الله عليه وسلم حاشا لهم ذلك
ثم يستطرد قائلا لو كان مع علي نص فلم لم يحتج به علي الصحابة في إثبات إمارته عليهم وإمامته لهم ؟ فإن لم يقدر علي تنفيذ ما معه من النص فهو عاجز والعاجز لا يصلح للإمارة ، وإن كان يقدر ولم يفعل فهو خائن والخائن الفاسق معزول عن الإمارة ، وإن لم يعلم بوجود النص فهو جاهل
ويفهم من هذا أن من يعزل من الولاية هو من كان فيه أحد هذه الصفات الأربع العجز ـ الخيانة ـ الفسق ـ الجهل
وأجابوا أن عليا إنما سكت تقية ! ولو سلمنا لذلك فلماذا سكت بقية الصحابة هل سكتوا كلهم تقية أيضا ؟ أم ماذا
ولنذهب إلي علي ونذكر سيرته مع الخلفاء من قبله وهل بايعهم أم لا ؟ ولماذا تأخرت بيعته لأبي بكر وما هو سر ذلك ؟
لما تولي أبو بكر الخلافة وكان من الطبيعي أن يتوقعها علي لنفسه لقربه من رسول الله لكنه لما ذهبت البيعة إلي أبي بكر فهم علي أن هذا مراد الله تعالي لعباده ولذا قال علي " قدم رسول الله أبا بكر يصلي بالناس وأنا حاضر غير غائب وصحيح غير مريض ولو شاء أن يقدمني لقدمني فرضينا لدنيانا ما رضيه الله ورسوله لديننا "
ولما بويع الصديق في سقيفة بني ساعدة صعد المنبر فنظر في وجوه الناس فقال أين الزبير وأين علي فجاءه الزبير فبايعه وجاءه علي فقال أبو بكر لعلك قلت ابن عم رسول الله وختنه علي ابنته أردت أن تشق عصا المسلمين ؟ فقال علي لا تثريب عليك يا خليفة رسول الله . ثم حدثت فجوة كبيرة بين علي وأبي بكر فما هو سببها هل لأن عليا كان يريد الخلافة وأخذها أبو بكر ؟ ولماذا قال أبوبكر لعلي أردت أن تشق عصا المسلمين ؟
والجواب علي ذلك أن موقفا حدث من أبي بكر مع زوجة علي وابنت رسول الله وهو أن أبا بكر صادر أموال النبي وأسهمه ولم يعطها لفاطمة ولا لزوجات النبي فغضبت فاطمة وعاتبت علي أبي بكر فعله فأجابها أن النبي قال نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه فهو صدقة " وفاطمة هي واحدة من البشر لا عصمة لها فكأنها غضبت بل وطلبت من علي أن يتولي صدقة الأرض التي بخيبر وطلبت ذلك من أبي بكر فلم يجبها لأنه لن يفرط في أمر صدقة رسول الله فاحتاج علي أن يراعي خاطر زوجته فاطمة ابنت رسول الله وحبيبة قلبه فجفي أبا بكر لكنه كان يصلي خلفه ويأتمر بأمره طيلة الستة أشهر غير أن الكلام قد جف قليلا ومع ذلك لما حارب أبو بكر مانعي الزكاة في حروب الردة جعل عليا أحد أمراء الحرس علي المدينة ولم يتخلف عليا رضي الله عنه فلما ماتت فاطمة جاء علي وجدد بيعته لأبي بكر فصعد أبو بكر علي المنبر ليلقي خطبة الولاية !!!!
وكان أبو بكر يحب مشورة علي فكان دائما ما يقول له أفتنا يا أبا الحسن !!!
فلما ركب يوما الخليفة أبو بكر جواده شاهرا سيفه ليقاتل في سبيل الله مع جنده وكان علي آخذ بزمام راحلته فلما رأي المسلمون عزم أبي بكر علي الذهاب معهم قال له علي أقول لك ما قال رسول الله يوم أحد شم سيفك ولا تفجعنا بنفسك فوالله لئن أصبنا بك لا يكون للإسلام بعدك نظام أبدا فرجع ابو بكر باكيا !!!
وسأل رجل عليا ذات يوم فقال له ما بال المهاجرين والأنصار قدموا أبا بكر وأنت أوفي منه منقبة وأقدم منه سلما وأسبق سابقة قال له علي لولا أن المؤمن عائذ بالله لقتلتك إن أبا بكر سبقني إلي أربع سبقني إلي الإيمان وسبقني إلي الإمامه وسبقني إلي الهجرة وإلي الغار وإلي الإسلام ويحك إن الله ذم الناس ومدح أبا بكر فقال إلا تنصروه فقد نصره الله
ولما مات أبو بكر وقف علي قبره قائلا " رحمك الله يا أبا بكر كنت والله أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا وأشدهم يقينا صدقت رسول الله حين كذبه الناس وواسيته حين بخلوا وقمت معه حين قعدوا كنت والله للإسلام حصنا وللكافرين ناكيا لم تهن حجتك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك !!!!
المرجو نشر هذا الموضوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق