الحمد لله الذي قرن حق الوالدين مع حقه في
كتابه، وتوعد أهل العقوق بالعذاب الأليم والعقاب، أحمده - سبحانه - وهو
المستحق أن يحمد ويشكر.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
- على رغم من جحد به وكفر- وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الشافع المشفع في
المحشر، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم
على الأثر..
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله حق التقوى وتمسكوا
من الإسلام بالعروة الوثقى واعلموا - رحمكم الله - أن بر الوالدين وصلة
الأرحام سبب لكل خير عاجل في الدنيا وآجل في الآخرة، وأن عقوقهما وقطيعتهما
موجبان لسخط الله وعذابه في الدنيا والآخرة، فقد صح عنه - صلى الله عليه
وسلم - أنه قال: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟: الإشراك بالله وعقوق
الوالدين)[1]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله العاق لوالديه)[2].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (كل الذنوب يؤخرها الله ما شاء منها إلى يوم
القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات)[3]،
يعني العقوبة في الدنيا قبل يوم القيامة، قال كعب الأحبار - رحمه الله -:
إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقًا لوالديه ليعجل له العذاب وإن الله
ليزيد في عمر العبد إذا كان بارًا بوالديه ليزيده برًا وخيرًا. وقد بين
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أركان الإسلام الخمسة التي لا يكون
الإنسان مسلمًا إلا إذا جاء بها وهي: الشهادتان وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة
وصوم رمضان وحج البيت للمستطيع، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - ثلاث
آيات نزلت مقرونة بثلاث لا تقبل واحدة منها بغير قرينتها إحداها قوله
تعالى: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [محمد: 33] فطاعة الله لا تقبل إلا بطاعة الرسول، الثانية قوله: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 43] فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه، والثالثة قوله تعالى: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ
﴾ [لقمان: 14]، فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه، ولذا قال -
صلى الله عليه وسلم -: (رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما)[4]،
ومن عقوق الوالدين أن لا يطيعهما فيما أمراه به وأن لا يبر بقسمهما إذا
حلفا عليه وأن لا يعطيهما ما سألاه، وأن يخونهما إذا أئتمناه، وهذا جزء
يسير من عقوقهما، وقد سمعت أخي المسلم قصة علقمة الذي منعه بر زوجته ومعصية
أمه أن ينطق لا إله إلا الله عند الموت والفراق من الدنيا.
فيا عبد الله:
أحسن إليهما كما أحسنا إليك وكما أمرك الله بقوله: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
﴾ [الإسراء: 23] واعلم يا أخي أنهما السبب في وجودك، وقد تكبدا العناء
والمشقة في تربيتك حتى صرت أقوى منهما، وقد ضعفا فاحتاجا لبرك فأوف لهما
سلفهما وأحسن إليهما كما أحسنا إليك واعلم أن الجنة تحت أقدام الأمهات، ورد
ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال - صلى الله عليه وسلم -:
(الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فاحفظ ذلك الباب أو ضيعه)[5].
والحمد لله رب العالمين.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/1067/56825/#ixzz2he2PJuu9
المرجو نشر هذا الموضوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق