عثمان عثمان:
مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلا ومرحبا بكم على
الهواء مباشرة في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة، يقول
الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ
يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ
عَمِيقٍ ليَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}[الحج: 27-28] ما منافع الحج؟ وأي
ثورة يحدثها؟ وكيف تنعكس مظاهر الوحدة في الحج عمليا؟ منافع الحج موضوع
حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة الشيخ العلامة الدكتور
يوسف القرضاوي، مرحبا بكم سيدي.
يوسف القرضاوي: مرحبا بك يا أخ عثمان.
عثمان عثمان: الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام بداية لماذا شرع الحج وما مقاصده؟
يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا
عدوان إلا على الظالمين، وأزكى صلوات الله وتسليماته على من أرسله الله
رحمة للعالمين وحجة على الناس أجمعين سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا
ومعلمنا محمد وعلى اله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد،
فإن الله سبحانه وتعالى قد خلق هذا النوع من الخليقة اللي هم الآدميين أو
البشر أو بني الإنسان، هذا النوع العاقل المفكر الحيوان الناطق خلق الله
هؤلاء الناس لأمرين مهمين أن يعرفوا الله وأن يعبدوا الله ، أول شيء معرفة
الله سبحانه وتعالى كما قال الله تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ
سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ
بَيْنَهُنَّ}[الطلاق:12] لماذا؟ السماوات والأرض وكل ده ليه؟
{لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ
قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[الطلاق:12] معرفة الله بأسمائه
وصفاته وكمالاته هذا أمر أساسي، ماذا خلق الله؟ الأمر الثاني أن يعبدوا
الله ولذلك قال الله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ
لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن
يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
}[الذاريات: 56-58] الله خلق الخلق ليعبدوه والعبادة خصوصا في نظر الإسلام،
العبادة تشمل الحياة كلها كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال
التي تكون أحيانا دينية وتكون دنيوية تكون لأمر الدنيا تكون لأمر الآخرة
تكون لمصلحة الفرد لمصلحة الأسرة لمصلحة المجتمع لمصلحة الأمة لمصلحة
الإنسانية، كل هذه الأعمال خلق الله لها وكل هذه ممكن تدخل في أمر العبادة
بالنية إذا نوى الإنسان بهذه الأعمال أن يقيم الحق وأن يفعل الخير أن
يشيع الجمال وأن يصلح الأمر في الأرض هذه أصبحت عبادة، فالعبادة كلمة
كبيرة جدا ولكن في كل دين شعائر تعبدية غير العبادة بالمعنى العام هناك
شعائر يخصصها الله لتكون عبادة أساسية، وفي الإسلام أربع عبادات أساسية
اعتبرت مع الشهادتين مدخل إلى الإسلام، كيف تدخل الإسلام؟ تشهد أَنْ لا
إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، بعد أن تشهد
أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مطلوب
منك أربع عبادات أصلية أساسية أن تقيم الصلاة أن تؤتي الزكاة أن تصوم
رمضان أن تحج البيت إذا استطعت إليه سبيلا، ـ البيت الحرام الكعبة
المشرفة- فهذه شعائر أساسية تعبدية العلماء قسموها قالوا بعضها عبادات
بدنية، ما معنى عبادات بدنية؟ عبادات بدنية يعني يقصدون عبادات شخصية
يعملها الإنسان ببدنه بس البدن لوحده لا تصلح به عبادة، أي عبادة سواء كانت
ظاهرها بدني أو غير بدني لابد فيها من أمر معنوي وهو الأساس لقبول وهو
النية كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ((إنما الأعمال بالنيات)) وكما
قال عن أهل الكتاب {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء}[البينة:5] أن اعبد الله مخلصا له
الدين {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ
الدِّينَ}[الزمر:11] فالعبادة بالإخلاص يكون قصدك ابتغاء وجه الله سبحانه
وتعالى لا الدنيا ولا مدح الناس ولا إرضاء هذا أو هذا لا كن تبتغي وجه
الله سبحانه وتعالى، فكل العبادات لا بد، إنما العبادات أساسا في عبادة
أصلها بدنية مثل الصلاة والصيام لازم تبذل فيها جهد بدني وتتعب في الصلاة
تصلي في الفجر وتقوم تترك النوم يقول لك: {الصلاة خير من النوم} فتسمعه
تقول صدقت وبررت وتقوم من نومك وتترك فراشك فهذا يعني عبادة بدنية خمس
صلوات في اليوم، الصيام عبادة بدنية لأنك تترك الطعام وأنت جائع وتترك
الشراب وأنت تشتهي شربة ماء عذبة باردة في الصيف هذا عبادة بدنية، وبعدين
في عبادات مالية مثل الزكاة الركن الثالث في الإسلام بعد الشهادتين وبعد
إقامة الصلاة؛ الزكاة{وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ
الزَّكَاةَ}[البقرة:43] فدي عبادة مالية تبذل من مالك، المال شقيق الروح
فتترك مالك تخرجه وتعطيه للفقراء، يعني هذا شيء مهم جدا يربي الإسلام
الناس عليه، هذه عبادة يعني مالية، وهناك عبادة الحج بدنية ومالية بتتعب
فيها تخرج وهي رحلة أساسا تخرج من بيتك ومن بلدك وتذهب إلى الحج وقد يكون
بينك وبينه جبال وبحار وبلاد وواد وتقطع آلاف الأميال وتذهب وكان زمان
هذا أمر شاق جدا حتى أن بعض المفسرين يحكي أن احد العلماء رأى احد الناس
يطوف بالكعبة وفي شوق شديد ورآه يبكي وهو شايب فسأله يعني سمعه يقول بيتا
من الشعر، أبياتا من الشعر:
زر من تُحب وإن شطت بك الدارُ..
وحال من دونه حجبٌ وأستارُ..
لا يمنعنكْ بُعد عن زيارتهِ..
إن المحبَ لمن يهواهُ زوارُ..
فعرف أن ده
راجل مستهوي وجاي من بلاد، فقال له: من أي البلاد أنت؟ قال له: أتريد أن
تعرف بلادي وبُعدها، قال له: أريد أن اعرف، قال له: هل ترى لحيتي هذه
وشعري، قال له: نعم؛ لا أرى فيها إلا ابيض فيش فيها شعرة سوده، قال: خرجت
من بلدي وليس عندي شعرة بيضاء والآن ابيض شعري، خرج من سنيين يطلع من بلد
يشتغل في بلد شويه وبعدين يسيب البلد دي ويمشي شويه يعني أخذ عشرين ثلاثين
سنة علما وصل إلى الحج، شوف الناس كانت تعمل أد إيه ، فهذه عبادة بدنية
وعبادة مالية أن يعني لكي لا بد انك المفروض تحج راكبا ليس المطلوب منك أن
تحج ماشيا تحج راكبا والركوبة تحتاج فلوس فنفقتك في السفر ونفقتك في
الإقامة أيام الحج ونفقة عائلتك زوجتك وأولادك إذا كان ليك أولاد حتى تعود
إليهم كل هذه نفقات مالية، فلذلك هذه هي العبادة ولذلك القرآن يعلل يعني
على طريقته ليس الإسلام كبعض الأديان الأخرى أنها تُحكم الناس، تطلب من
الناس أشياء من غير ما يفهموها، اعتقد وأنت أعمى أغمض عينيك ثم اتبعني آمن
ثم اعلم، لا الإسلام لا، لابد أن تتعلم حتى العقيدة {قُلْ هَاتُواْ
بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة:111] لازم العقيدة لا تصلح
بالتقليد لقيت الناس يقولوا محمد قلت محمد لا، لازم تعلم لماذا أمنت
بمحمد؟ لماذا أمنت بأن الله واحد لا شريك له؟ لازم يكون مقتنعا بان
الوحدانية ديت هي سر هذا الكون {وإن لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ
اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء:22] المركب اللي فيها ريسين بتغرق لازم تكون
مؤمن هذا بأعماق عقلك من نفسك أنت محمد ليه؟ الله وأمال مين اللي نصره
على أعدائه؟ وأمال القرآن اللي جابه ده منين جابه؟ وأمال الناس اللي هداهم
الله على أيديه كيف هداهم؟ لا بد أن يكون عنده أدلة عقليه صح مش ضروري
تكون أدلة معمولة بطريقة منطقية كما يفعل أهل المنطق وأهل الفلسفة وأهل
العلم، لا، إنما الراجل تعرف منه أنه اقتنع بعقله بهذا الدين.
عثمان عثمان: هل هذه القناعة شيخنا هل هذه القناعة مطلوبة يعني بموضوع الحكمة بمعرفة المقاصد أم بتفاصيل هذه العبادة؟
يوسف القرضاوي:
لأ هو ليس مهم التفاصيل إنما المهم الكليات على الأقل يعني القرآن علل
لنا لماذا نصلي؟ قال: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ}[العنكبوت:45] إذا داوم الإنسان على الصلاة تربي
له هذه الملكة أنه ينتهي عما يكرهه الله عن الفحشاء، الأعمال الغليظة
السيئة، الكبائر والصغائر، فالصلاة تنهى عن الفحشاء {خُذْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}[التوبة:103]
هذه حكم الزكاة ، حكمة الصيام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:183] ليهيئكم الصيام لتقوى الله عز وجل،
الصيام مش بس امتناع عن الطعام والشراب تمتنع عما حلل الله وتفطر على ما
حرم الله، لا، ليس الصيام من الطعام والشراب إنما الصيام من اللغو والرفث،
الحج يقول هنا الآية التي ذكرتها {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ
يَأْتُوكَ رِجَالا}[الحج: 27] ورجالا هنا مش جمع رجل لا رجال جمع راجل،
الراجل هو الراكب وفي الراجل والماشي، يأتوك ركبانا ومشاة لا يأتوك رجالا
وعلى كل ضامر، في ماشيين على أرجلهم وفي راكبين ضَامِرٍ {يَأْتِينَ مِن
كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} هذه الركوبات وهذه المطايا زمان، كان على الدواب
الآن يأتي على السفن ويأتي على الباصات ويأتي على السيارات ويأتي على
الطائرات من أنحاء العالم من المشرق والمغرب من آخر الدنيا وأول الدنيا
يأتيكم من كل فج عميق لماذا؟ {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا
اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}[الحج:28].
عثمان عثمان: في موضوع المنافع، ما حقيقة هذه المنافع؟ هل هي منافع دينية دنيوية أخروية؟
يوسف القرضاوي:
هي كل هذا، الإسلام جاء ليحقق للناس المنافع الدينية والمنافع الدنيوية،
لأن الإسلام ليس ضد الدنيا، الدنيا ليست عدوا، الدنيا هي ممكن تكون مصلحة
لك إذا استغللتها واستغللت أيامها ولياليها وأزمانها وأمكنتها في طاعة
الله عز وجل، ممكن تكون الدنيا عون لك على طاعة الله وممكن تكون عونا لك
على معصية الله أيضا، فالدنيا ليست عدوا إلا لمن اتخذها عدوا، الإسلام يحب
المنافع الدينية، المنافع الدينية هي في الحج يعني كثيرة أن تذكر اسم
الله، تلبي أول الحج تلبية ((لبيك اللهم حجا لبيك اللهم عمرة)) وكلما ذهبت
إلى مكان تلبي وكلما ارتفعت في مكان أو نزلت في وادي أو قابلت بعض الناس
((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، أن الحمد والنعمة لك والملك لا
شريك لك تلبي الله وحده)) كان العرب في الجاهلية يقولون: لبيك لا شريك لك
إلا شريك هو لك تملكه وما ملك، فيشرك مع الله الأوثان والأصنام والآلهة
التي يعبدونها مع الله ولا ينبغي أن يكون مع الله أحد، هذه الآلهة التي
زعموا أنها تقربهم إلى الله زلفى، وقالوا هؤلاء شفعائنا عند الله مرفوضة،
فتذكر اسم الله عز وجل، تسبح الله، تكبر، تقرأ القرآن، تستغفر الله تصلي
على رسول الله صلى الله عليه وسلم تتصدق تعمل الخيرات تقدم أي معونة للناس
ترفض الجدال بالباطل كل هذا من الأشياء التي تعملها في أيام الحج، هذه
منافع دينية وهناك منافع دنيوية، وممكن تتاجر كانوا يعني بعض المسلمين
يعني يتحرج إنه يتاجر، فالقرآن نزل وقال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن
تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ}[البقرة:198] هذا ابتغاء التجارة هذا
ابتغاء الفضل من الله، ربنا سمى تجارة ابتغاء الفضل من الله عز وجل
{يبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ}[الحشر:8] كما قال الله عن المهاجرين، فلا مانع أن تتاجر في
الحج بس تكون نيتك الأساسية الحج، وتأتي هذه أشياء تبعية ما تجعلهاش من
الأصل كل شيء تتاجر وبعدين بس أحج يعني لأ الحج هو الأساس.
عثمان عثمان:
البعض مولانا ينظم حملات للحج الآن، يعني شيء من التجارة من العمل الذي
يقوم به كل عام وأثناء هذا العمل يحج يعني هل يتعارض هذا مع ما تقدمتم به؟
يوسف القرضاوي:
لا يتعارض ما دام وجد في هذا المكان لأن الناس في حاجة إلى تنظيم الحج أن
يكون الحج له ناس تقوم به وتشرك عليه وتنظم الناس حتى لا يكون هناك لأن
الملايين أحياناً 3 ملايين يقفون عل جبل عرفات فثلاثة ملايين دول لا بد أن
ينظموا، فمن زمان عمل الناس نظام يعني المطاوعة هؤلاء ويرتبطون بهم، في
قطر هنا حملات ينظمها بعض الرجال للحج من يكونوا مع هؤلاء رايح لعمل مدير
للبعثة، مدير طبي، مدير مالي، سائق الباص، واعظ الحج، هؤلاء ما يحجوش، لأ،
يحجوا، ويقوم بعمله وينوي الحج ولعله من أسباب إنه هو يعني يقبل أن يعمل
في هذا يعني إنه يقول لك أنه دي فرصة أني أحج فهذا يعني الحج متاح له يحج
ولا حرج عليه.
عثمان عثمان:
مولانا من ثمار الحج قول النبي عليه الصلاة والسلام ((مَنْ حَجَّ فَلَمْ
يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ مِنْ ذُنوبِهِ كَيومَ وَلَدَتْهُ
أُمُّهُ)) كيف يتجلى البعد التغييري الجذري للحج أسمع الإجابة يعد أن نذهب
إلى فاصل قصير فابقوا معنا مشاهدينا الكرام نعود إليكم بإذن الله بعد
الفاصل.
[ فاصل إعلاني]
عثمان عثمان:
مشاهدينا الكرام أهلا ومرحبا بكم من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج
الشريعة والحياة والتي هي بعنوان "منافع الحج" مع فضيلة شيخنا العلامة
يوسف القرضاوي، مولانا حديث النبي عليه الصلاة والسلام ((مَنْ حَجَّ
فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ مِنْ ذُنوبِهِ كَيومَ وَلَدَتْهُ
أُمُّهُ)) التغيير الجذري للحج كيف يتم؟
يوسف القرضاوي:
لا شك أن الحج، بالنسبة للمسلم يعتبر عملية تطهير غسيل الإنسان كما إذا
كان على جسمه أوساخ وأدران وهذا يحتاج إلى حمام يعني، يعني كلما كان
الحمام يعني قوياً مياه ساخنة بحيث ينظف جسمه تماماً، الحج بمثابة هذا
الغسيل التطهير التنظيف العام للإنسان المسلم ولذلك كثير من الناس يؤخر
الحج، الإمام الغزالي يقول لك الحج هو يعني تمام الأمر وختام العُمر، يعني
الناس تقول لك أنا عايز أختم حياتي بحجة فيؤخر الحج عشان يظل بحياته
يرتكب أعمال وأخطاء ومعاصي وعايز يتوب بقى يعمل حجة التوبة، لأنه الناس
معتقدة أن الحج يطهره تماماً ولكن ليس كل حاج يتطهر لازم يكون الحج مكتمل
بكل أركانه بكل شروطه، بكل آدابه..
عثمان عثمان: تتحدث عن الحج المبرور.
يوسف القرضاوي:
والله تعالى يقول: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ
فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي
الْحَجِّ}[البقرة:197] لا رفث؛ الرفث كلام في أمور النساء يعني يتكلم في
الأشياء تتعلق بالنساء والناس اللي بتقول عنها أباح، لا يقبل الحج إن هو
يتكلم في هذه الأشياء فيعني فلا رفث ولا فسوق، عصيان؛ يعصي الله تبارك
وتعالى رايح تحج وتزني رايح تحج تشرب خمره رايح تحج تسرق رايح تحج تقاتل
الناس تأذيهم لأ، دا الحج رحلة سلام، رحلة سلام مطلقة يعني لا، لا تقتل
صيداً ما يصحش تصيد صيد ولا تأكل حتى من واحد قتل صيده وجابيبه لك لأ، لا
تأكله، حرام عليك لا تقطع حشيشاً ولا تقطع شجراً يعني لا تكسر بيضة، يعني
حيوان من الحيوانات الممنوعة يعني فكل هذا لأن الإنسان وهو محرم يكون
سلام، سلام في نفسه وسلام البدن وسلام الناس من حوله وسلام الطير وسلام
الوحش وسلام كل الحياة، فلا يجوز للإنسان أن يتعدى على غيره، فالفسوق
بمعنى المعصية سواء كانت معصية لله أو معصية للاعتداء على البشر أو لإيذاء
للبشر، وكذلك الرفث الجدال، الحديث ذكر الرفث والفسوق إنما مراعى أيضا لا
جدال في الحج دي أشياء القرآن نهاها أنه يصح إن واحد حج يقعد يجادل الناس
في كل شيء لما يروح يشتري ويقاتل عشان ريال ولا نص ريال ولا بتاع ولا لأ،
خليك سمح يعني فأنه لا يريد الإسلام أن تكون رحلة الحج رحلة متعبة للناس
بأن يكون كل الناس قاعدين يتخانقوا على أي شيء بسيط تبقى كل الحياة قتال في
قتال، 3 ملايين يتقاتلوا لازم يكون الإنسان سمح سهل فلا رفث ولا فسوق،
لذلك كل من حج فلم يرفث ولم يفسق كان إنسان متعبداً لله متسامحاً مع الناس
كريم الخلق مع الخلق يعطي ولا يمنع، ولا يسأل الناس لا يتسول من أحد ولا
يعمل، هذا من حج فلم يرفث ولم يفسق راجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
عثمان عثمان: عن أي ذنوب نتحدث هنا عن الكبائر عن الصغائر؟
يوسف القرضاوي:
المفروض الحديث يشمل كل هذه الذنوب من الكبائر والصغائر إلا ما يتعلق ديون
الخلق لأن الديون حتى الشهادة في سبيل الله أعظم ما يتمناه الإنسان
المسلم أن يموت شهيداً إنما عليه الصلاة والسلام سمع رجل يقول: اللهم آتني
أفضل مما أتيته عبادك، فالنبي عليه الصلاة قال له: إذن يعقر جوادك ويراق
دمك، إذا كنت طالب أفضل ما يؤتيه الله للعباد الشهادة في سبيل الله، يعقر
جواده إذا كان عندك جواد يضرب وتقطع أرجله وتضرب رأسه ومن هكذا، سوى يعني
يذهب مالك وتذهب نفسك ويراق دمك هذه الشهادة، النبي عليه الصلاة والسلام
قال: ((يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين)) ديون العباد، واحد جاء وقال يا
رسول الله إذا قتلت في سبيل الله تكفر عن خطاياي كلها قال نعم، وبعدها مشي
فقال له: تعال تعال، ماذا قلت؟ قال: قلت كذا وقلت لي كذا قال تكفر عنك
خطاياك إلا الدين، أخبرني جبريل بها الساعة قال له: جبريل جه يعني استدرك
عليها قال له: لأ إلا الدين تكفر عنه خطاياه صغائر وكبائر إلا الدين،
الديون دي لأ، فالحج ليس أكبر من الشهادة في سبيل الله.
عثمان عثمان:
مولانا لكل عبادة هدف إصلاحي سلوكي في الحياة والحج أحد هذه الأركان وهذه
العبادات هل من علامات تبين حصول هذا التغيير أو قبول هذه العبادة؟
يوسف القرضاوي:
الحج، عبادة عظيمة حتى أنه في أوائل هذا القرن قامت حملات صليبية على
القاهرة تريد أن تنصر المسلمين في القاهرة وجاءت مع يعني إمكانات وفلوس
وأشياء ويذهبون إلى الناس في قرى مصر ليحدثوهم عن المسيح وعن الحواريين
وعن كذا وعن كذا والناس صامتين يظنوا الناس خلاص استجابوا لأخر واحد يقلهم
وحدوه يقولوا لا إله إلا الله كمان صلوا على النبي، عليه الصلاة والسلام،
ما وجدوا الناس ما فيش فايدة فكتب رئيس البعثة أنه سيظل الإسلام في مصر
صخرة عاتية تتحطم عليها محاولات التبشير المسيحي ما دام للإسلام في مصر
هذه الأركان الأربعة " القرآن والأزهر واجتماع الجمعة الأسبوعي ومؤتمر
الحج السنوي" هذه الأربعة وما دام في القرآن يتُلى على الناس في الصباح وفي
المساء، وما كنش أيامها إيه حتى فيه التلفونات ولا تليفزيونات إنما كان
الناس تروح تقرأ في البيوت يومياً يأتي واحد يقرأ في البيت كل بيت لازم
عشان الموتى والناس وبركة القرآن يعني فالقرآن والأزهر والعلماء اللي
بيعلموا الناس ويفتوا الناس ويرشدوا الناس ويخطبوا في الناس ويدرسوا
للناس، والأزهر واجتماع الجمعة الأسبوعي، كل أسبوع المسلم يطالب فرض عين
{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة:9] {إذَا
نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ
اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ
تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9] اجتماع الجمعة دي تعليم الأسبوعي الخطبة
الأسبوعية الدرس الأسبوعي هذا، وبعدين مؤتمر الحج السنوي الذي لم يدع إليه
لا ملك ولا أمير ولا رئيس إنما دعا إليه الله من فوق سبع سماوات فرض
عليهم أن يأتوا في العمر مرة واحدة إذا استطاعوا إليه سبيلا معنى استطاعوا
إليه سبيلا يعني إيه؟ يعني يملك إنه يذهب إلى السعودية حيث يكون الحج
هناك، يملك تذكرة بالطائرة أو بالسيارة ما يروحش ماشي لأ، لازم يركب ويكن
عنده قوته ما يكفيه من القوت، القوت المعقول للناس، وتارك لأولاده قوتهم
أيضا في هذه المدة، إذا كان هذا يجب عليه أن يذهب إلى الحج، سؤالك كان إيه؟
عثمان عثمان:
هناك يعني نسميها علامات تُظهر أن الإصلاح؛ إصلاح الفرد إصلاح الأمة
إصلاح المجتمع ظهرت من هذا الحج يعني بعد أداء مناسك الحج هناك علامات لا
بد أن تظهر لنعرف أن الإصلاح قد تحقق.
يوسف القرضاوي:
هناك طبعا أشياء تتعلق بالفرد، أول شي ما يطلبه الإنسان ويجب أن يعرفه ما
يتعلق بنفسه هل اثر في الحج أم انه بس يروح قبل ما يكون اسمي أحمد بقى
اسمي الحج أحمد، لا، إذا كان دا عشان تغير اسمك، يبقى اسمك الحاج فلان،
الحاج عبد السميع ولا الحاج عبد الصبور لا مش ده المهم، المهم أن تتغير
نفسيا { نَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا
بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11] لازم إذا كنت رحت وأن تشتهي المعصية تعود وأنت
لا تفكر بالمعصية طلقت المعصية أصبحت إنسانا تحرر من عبادة الشيطان {
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا
الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا
صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }[ يس:60-61 ] فهل وبعد الحج لا زال يعبد الشيطان أم
يعبد الرحمن؟ هو عارف نفسه أصبحت من عباد الرحمن ولا من عباد الشيطان؟
تغيرت نفسيتك أصبحت تقبل على الطاعة تستحلي الطاعة تجعل الطاعة حلوة
تشتهيها ولا أنت كما كنت في نفس الزمن الأول، الإنسان يشعر بهذا يشعر، هل
تغيرت نفسه أم نفسه كما كانت؟ إذا كان نفسه كما كانت يبقى كأنك يا أبو زيد
ما غزيت يبقى كأنه محتاج إلى حجة أخرى يطهر بها نفسه، وفي هذا بالنسبة
إلى الفرد، الفرد يجب يشوف تغيرت نفسه ولا لأ كان يضيع الصلاة دي الوقتِ
أصبح لا، لا يسمح أنه يضيع أي فرض يبقى تغير، كان يتساهل بصلاة الصبح وما
يصليها إلا بعدما تطلع الشمس، دي الوقتِ لأ أصبح حريصا، بقول لك لأ، دا
أنا أديت فرض الله لازم أصلي قبل الشمس، الناس تتغير، كان أحياناً تبخل
نفسه بأداء الزكاة دي الوقتِ لأ، لا بد أن أؤدي الزكاة، كان بتساهل مع
أولاده في إقامة الصلاة أو في ارتكاب بعض المحرمات، دي الوقتِ لا، ما عادش
يتساهل في أي محرم ما دام شي حرمة الله يجب يحرمه على أولاده، يجب يحرمه
على زوجته، يجب لكل من له سلطان عليه.
عثمان عثمان: أن يتغير حاله بعد الحج عما كان قبل الحج، مولانا في الحج نلاحظ..
يوسف القرضاوي:
لأنه في أشياء عامة بقى لا يملكها هو يعني هل أدى المسلمون الواجب عليهم
نحو الحج أم لا؟ لأن الحج ليس عبادة فردية، الحج عبادة جماعية، الحج ليس
مطلوب منك أنت لوحدك أو أنت وأهل بلدك، ده مطلوب من العالم كله أنت في
كل سنة تجمع الناس كلها من كل أنحاء العالم يأتيك من الهند ومن الصين ومن
أوروبا ومن أميركا، ومن أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية ومن أسيا
وأفريقيا من الناس الكبير والصغير والشاب والشيخ والرجل والمرأة والغني
والفقير والأمير والمأمور، تجمع هؤلاء وبعضهم ناس لهم نفوذ في بلادهم،
بعضهم رؤساء بعضهم أمراء بعضهم مدير عمل بعضهم مسؤول عن كذا يعني..
عثمان عثمان: كلهم في صعيد واحد.
يوسف القرضاوي:
كلهم في صعيد واحد، هؤلاء كلهم يجب أن يستفيدوا من رحلة الحج هذه رحلة
عظيمة، رحلة تغير الإنسان من داخله، رحلة تنادي الإنسان أن يرجع إلى الله،
لماذا أترك بلدي وأروح أنام على الحصى! أحياناً يضر الإنسان وهو في منا
أو عرفات ربما لا يكون هناك أسرة ربما لا يكون هناك شلته ومراتب يضطر ينام
على الحصى، أنا نمت على الحصى في بعض المرات، أنام على الحصى، بعض الناس
يعني خاطرات النسيم تجرح خديه ولمس الحرير يدُمي بنانه، إذا ما كنش المخدة
محطوطة بطريقه معينه لازم يكون في الناحية الفلانية ولازم يكون الإضاءة
بالطريقة الفلانية، لا، ما فيش الكلام دا في الحج لازم تخرج ما اعتادته
في حياتك العادية وتعيش حياة غير عادية..
عثمان عثمان: كما ذكرتم.
يوسف القرضاوي:
هذه منافع يشهدها الإنسان أن يخرج عن الحياة الطبيعية اللي كان عايشها ما
عدتش هذه الحياة، ترك بلده ترك أهله وترك بيته، فلابد أن يتحمل هذا كل ده
من المنافع العظيمة التي يشهدها الناس في الحج ويتعرف على الناس، الحج دا
شحنة روحية عاطفية قوية وثقافة وتدريب على أمور اجتماعية لم يعهدها
الناس، في الأمثال يقول لك: اللي يعيش يا ما يشوف، يقول لك: اللي يمشي
يشوف أكثر يعني اللي بيسافر بيشوف أكثر، ففي الأسفار خمس فوائد، في سفر
الحج يتعلم الناس ما لا يتعلمه في بلده، يتعلم أشياء كثيرة هل استفاد من
هذه السفرة العظيمة؟ من هذه الرحلة إلى الله، دي رحلة إلى الله، رحلة حق
ورحلة خير، هل استفاد لنفسه؟ وهل استفاد لأمته؟ الأمة الإسلامية استفادت،
هل اجتمع أهل الحل والعقد اجتمعوا في مكة مع بعضهم بعض يتدارسون في أمور
المسلمين؟ هل تدارسوا في هذه السنة أمر ما يجري في سوريا؟ الذين يقتلون
صباحاً ومساءً تسعة عشر شهراً والناس يقتلون في كل يوم، كل يوم يقتل منهم
الناس بالطائرات بالراجمات بالدبابات بالمدافع بالصواريخ بالبوارج البحرية
بالطائرات الحربية بالجيوش وبالشبيحة الذين ليسوا جنوداً منظمين ولكنهم
يعملون مع الجنود يقتلون الناس في بيوتهم ويقتلون الناس في طرقاتهم، ماذا
يفعل المسلمون في هذا الحج! إذا لم يدرسوا قضية مثل قضية المسلمين في
سوريا، هذه الأمة السورية الشعب السوري أخواننا الأعزاء الأحباء الذين
يذبحون ويقتلون رجالاً ونسائهم وشباباً وشيوخاً وأطفالاً وصغاراً وكباراً
يقتلون بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، أين موقف الأمة من هؤلاء؟ أنا
أدعو الأمة كلها تقف مع هؤلاء، أقل ما نطلبه من الأمة في أيام الحج أن يدعو
الحجاج ويدعو كل من في الأرض كل المسلمين وكل من يقول لا اله إلا الله
وكل من يعرف الله عز وجل يدعون الله على الظلمة على القاتلين، بعض الناس
قال لي أنت دعيت على الروس وعلى الصينيين وعلى الإيرانيين هل بتدعي على
الناس كلها، قلت له: لا مستحيل لا يمكن أن ندعُ على الناس كلها نحن لا
ندعُ على بلد، ندعُ على الحكام الظالمين الذين يستغلون أموال الناس أخذوا
هذه الأموال واشتروا بها أسلحة ليقاتلوا بها إسرائيل، ما أطلقوا رصاصة على
إسرائيل، أطلقوا الرصاصات والمدافع والقنابل القوية والضعيفة والذكية
والغبية أطلقوها على الشعب المسكين، هؤلاء الناس، حينما نقول يا رب عليك
بالصينيين عليك بالروس عليك بالإيرانيين نقصد الحكام الظالمين، ولا نحن
نعلم أن هناك أناس لا يقبلون هذا، في الروس ناس ضد بوتين وضد سياسة بوتين،
هناك مسلمون بالملايين ليس كل أهل روسيا مع الحكومة الظالمة، أهل إيران
ليس كل الإيرانيين موافقين لسياسة الحكومة التي تريد أن تقيم إمبراطورية
فارسية لأ، هناك ناس أنا زرت إيران أيام الحكومة الإصلاحية أيام الرئيس
خاتمي استقبلوني استقبالا رائعاً وأنا مع هؤلاء، هناك مسلمون من أهل السنة
في إيران ليس من نقول يا رب عليك بالإيرانيين لا نقصد كل الإيرانيين
عمرنا ما نقصد هذا إطلاقاً إنما نقصد الظالمين الجائرين منهم نقصد الذين
يملكون الأسلحة ويملكون الأموال ويملكون الرجال ويوظفونهم ضد هذه الشعوب
المظلومة التي لم ترتكب ذنباً ولم تفعل شيء إلا أن تقول ربي الله.
عثمان عثمان:
مولانا ذكرتم أن الحج الذين يأتون من كل فج عميق قد وحدهم الإسلام في
المظهر وفي الجوهر في الشعائر وفي المشاعر وفي الأفكار لكن هذا في الشؤون
التعبدية، لماذا تغيب هذه الوحدة في شؤون السياسة في موضوع الشأن العام
في موضوع قضية سوريا وغيرها كما تفضلتم.
يوسف القرضاوي:
هو يجب على الدعاة أن يعلموا الناس هذا أن يعرفوا المسلمين أن من أهداف
الحج من الأهداف الأساسية في الحج أن يتعارف المسلمون بعضهم مع بعض،
الإنسان الفلاح العادي الذي يخرج من بلد في أسيا أو في أفريقيا، فلاح يعني
لا يعرف كثيراً من المعارف والأفكار حينما يخرج هو يخرج من حياته
المحدودة الصغيرة في قريته في بلده يعيش مع العالم يرى مسلمون اللي جاي من
أميركا واللي جاي من روسيا واللي جاي من الصين واللي جاي من الهند واللي
جاي من باكستان واللي جاي من نيجيريا واللي جاي من كل بلد من بلاد
المسلمين ومن بلاد غير المسلمين، الأقليات الإسلامية في كل أنحاء العالم
هيشوف هذا كل لابد أن يعرف أن له إخوانا مسلمين، إن المسلمين ليسوا مسلمين
في بلده فقط، المسلمون في أنحاء العالم إن فيه مليون وثلثي المليار أكثر
من 600 مليار وأكثر من 600 مليون مسلم في أنحاء العالم، يجب أن يعرف أن
هؤلاء لهم حقوق عليه، المسلمون يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم
لازم يعرف أنه ليه أخوان في سوريا يظلمون ويقتلون ويذبحون وإن هو عليه حق
لهؤلاء يجب أن يساعدهم بماله إن كان عنده مال، يساعدهم بنفسه إن كان يقدر
على الدفاع وإن كان عنده شيء ليس عند غيره من أنواع الخدمة الحربية
والخبرة الحربية أو أقل شيء يدعو لهم لا بد أن يعرف هذا في الحج وأن
يستفيد المسلم أن هناك امة إسلامية، لما نقول يا رب انصر الأمة، نقصد الأمة
مين أمة الإسلام، أمة القرآن، أمة محمد عليه الصلاة والسلام في مشارق
الأرض ومغاربها، لسنا نحن قليلون ونحن كثرة ونحن أقوياء ونحن أغنياء
وعندنا الأموال ولكن لا يعرف تماما بعضنا بعضاً يجب أن يعرف بعضنا بعضاً.
عثمان عثمان:
هناك أسئلة مولانا من السادة المشاهدين ربما بعض الأسئلة الفقهية لم يتبق
إلا القليل من الوقت حوالي أربع دقائق نريد أن نجيب إجابات سريعة بارك
الله فيكم الأخ صنع الله البرغوثي يقول هل يجوز أداء الحج نيابة عن أحد
الأسرى المحكومين عدة مؤبدات مع العلم بأنني أديت حج الفريضة؟
يوسف القرضاوي: يجوز أن إيه؟
عثمان عثمان: هناك أحد الأشخاص محكوم في السجون الإسرائيلية عدة مؤبدات هل يجوز لهذا الرجل أن يحج عنه.
يوسف القرضاوي:
لأ هو معليش حج، الحج على من يستطيع له سبيلا، والحج الأصل فيه أنه
عبادة شخصية، العبادات أصلها كلها كل واحد يؤديها بنفسه ولكن ربنا سبحانه
وتعالى رحمةً بالناس جعل في الحج إن لو أن إنسان لم يستطع أن يحج وكان
قادر على أن يحج ولكنه قصر أو أجل بعدين ومرض ولم يستطع وكان عنده ابنه
يستطيع أن يحج عنه وهو مريض يحج عنه أو مات يقدر يحج حتى بعد موته أو قريب
له يعني الأصل أن القريب هو اللي يحج عن قريبه مش أي واحد يحج عن أي واحد
هذا هو الأصل، إنما مش أي واحد يحج، في توسع لكن أنا لا أؤيد هذا
التوسع إنما الأصل إن الحج عبادة شخصية يجوز أنه الإنسان يحج عن أبيه،
رأيت أن على أبيك دين وكنت قادراً قال نعم فدين الله أحق أن يقضى، الذي
يقضي الدين عن أبيه يقضي دين الدين أيضاً وهكذا.
عثمان عثمان:
الأخ جمال الطواب يقول هل تكرار الحج وفيه مزاحمة لمن لم يحج تكرار
العمرة في السنة الواحدة مكروهان وهل التصدق بمصاريف الحج المكرر أكثر
ثواباً عند الله.
يوسف القرضاوي:
طبعا أنا دعوت الناس من سنين وخصوصاً بالسنة ده بالذات وإخواننا في سوريا
يحتاجون إلى كل ليرة نقول للمسلمين عامة وللسوريين خاصة أن من يستطيع منكم
أن يستغني عن الحج لأنه حج قبل ذلك مرة أو أكثر من مرة يستغني عن الحج
هذه السنة وإذا كان يريد أن يحج يبعث بمال الحج إلى الأخوة يكون له أعظم
من هذا، هذا ما قاله المسلمون، بعض العلماء الكبار مثل عبد الله بن
المبارك الفقيه والمحدث المعروف كان يريد أن يحج وبعدين قابلته امرأة في
الطريق، قالت له: أنا عندي أولاد وعندي كذا وعندي كذا، قال: كم عندك،
قالت له عندي كذا ولد وكذا بنت وكذا، فقال؛ كان مشيوا مئات الأميال وبعدين
قال لمديره المالي: ماذا عندك، قال له: عندي كذا وكذا وكذا، قال له: طيب
ابقِ لنا بس اللي نعود وأعطيها كل هذه الأموال لها ولأولادها، وقال هذا هو
الواجب، هو حج قبل كده ما هو كل سنة كان بحج، إنما ما دام في امرأة ومعها
أولاد صغار وتحتاج إلى الحج فضل أن يعطيها كل ما عنده ويعود إلى بلده،
هذا ما نقوله بالنسبة إلى بلد مثل سوريا تحتاج إلى كل فلس حتى نعينها على
أن تسترد حقوقها وأن وتعود إليها حريتها وإن شاء الله سيعيد الله إليها
حريتها وينتقم من الظالمين { وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ
}[إبراهيم :20].
عثمان عثمان:
دائما عندنا مشكلة مولانا ينتهي الوقت ولا نجيب على أسئلة السادة
المشاهدين نعتذر منهم، كما أشكركم على هذه الإفاضة الطيبة أشكركم أيضاً
مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب
منصور الطلافيح وسائر فريق العمل دمتم بأمان الله والسلام عليكم ورحمة
الله وبركاته.
المرجو نشر هذا الموضوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق